برنامج كورا بورا للصحة
حذّر الإتحاد الدولي لمرض السكري من أن عدد المصابين بهذا المرض في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد بلغ نحو 37 مليون شخص. ويمثل هذا العدد نحو 9.7 بالمئة من مجمل السكان، وتشير التقديرات إلى أن نصف حالات الإصابة في المنطقة تبقى غير مشخصة. كما يتوقع الإتحاد الدولي لمرض السكري أن يزداد عدد المصابين بنسبة الضعف على مدى العقدين المقبلين.
وإذا كانت سعادة الأمم في صحتها، فهذا يعني إنه على دول الخليج تكثيف الجهود لتحقيق هذه السعادة في السنوات المقبلة. لقد بلغت معدلات البدانة والإصابة بالسكري مستويات مقلقة في المنطقة. ففي العام الماضي، كانت أربع من دول الخليج الست بين أول عشر دول عالمياً من جهة إرتفاع نسبة الأطفال والشباب دون 20 عاماً المصابين بالبدانة وزيادة الوزن. ويقع اللوم في المقام الأول على الإقبال على نمط الغذاء الغربي المشبع بالملح والسكر، وأسلوب الحياة الخامل المفتقر إلى النشاطات البدنية لدى فئات واسعة من المجتمع.
في المقابل، نجد استجابة مشجعة حتى الآن من جانب الحكومات الخليجية، فهي تبذل جهوداً حثيثة لتشجيع شعوبها على ممارسة التمارين والرياضة وزيادة النشاط البدني كوسيلة لتجنب الإصابة بالسكري والمضاعفات المرتبطة بالسمنة، والتي من شأنها إنقاذ حياة آلاف الأشخاص في المستقبل. وقد بدأت الحكومات بتوعية مواطنيها بالمنافع الكثيرة للغذاء الصحي وأسلوب الحياة النشيط، فضلاً عن تعاونها مع القطاع الخاص لتطبيق أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال في المنطقة.
ومع ذلك، فلا يزال هناك الكثير مما يجب عمله، خاصة أن مسألة تغيير أسلوب الحياة الشائع الذي يعتمد على الوجبات السريعة والأطعمة عالية الدهون، والسهر الطويل وقلة النشاط والرياضة، تستغرق سنوات وليس أشهراً. وإذا واصلت الحكومات الخليجية جهودها لدعم البرامج المبتكرة والطموحة في مجال الصحة الوقائية، فإن ذلك سيسهم كثيراً في خفض التكاليف العلاجية الباهظة للأمراض المزمنة في المستقبل. وكما هي الحال دائماً في مجال الصحة واللياقة البدنية، سوف تؤتي جهود التوعية والوقاية ثمارها على أكمل وجه.
برنامج كورا بورا للتعليم
التعليم هو المحرك الأقوى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. لذا نجده على رأس أولويات الحكومات في مختلف أنحاء العالم، كما هو نقطة جذب للاستثمار والابتكار. ونظراً لأهميته، فهو مجال مفتوح دائماً للإصلاحات، سواء كانت تحسينات طفيفة تراكمية أو تغييرات شاملة.
وفي منطقة الخليج تحديداً، حيث نجد أكثر من نصف السكان تتدنى أعمارهم عن الـ 25 عاماً، أدرك القادة أهمية التعليم في تحقيق الاستقرار والازدهار للجيل الحالي وأجيال المستقبل.
وعلى ضوء هذا، تشهد اليوم ساحة التعلّم والتعليم في المنطقة تغيرات وإعادة نظر في عدة جوانب. لكن يبقى الإصلاح التربوي مهمة حساسة ومعقدة. إذ يجب على الهيئات التعليمية الحكومية تطوير القدرات المؤسسية، وتسخير التكنولوجيا بشكل قوي في خدمة التعليم، وتحسين الخدمات مع خفض النفقات، وفي الوقت ذاته الدخول في شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص.
عدا عن ذلك، يجب أن يكون لدى الهيئات التعليمية الاستعداد لاستكشاف أساليب ومسارات جديدة للتعلم لا تقتصر على نمط الفصل الدراسي والتعليم التقليدي، بل تذهب أبعد من ذلك إلى مساعدة الطالب، على سبيل المثال، على تعلّم المهارات الحياتية التي تتناول القدرات الإدراكية والعاطفية والاجتماعية والعلاقات البينية الشخصية. إذ من شأن هذه المسارات أن تساعد جيل الشباب على اكتساب مجموعة أوسع من المهارات الأساسية التي تساعدهم على شق طريقهم في عالم يزداد اتصالاً وعولمة وتنافسية.
ربما يتوقف مستقبل منطقة الخليج العربي وشعوبها إلى حد كبير على مدى نجاح الحكومات في تحقيق إصلاح تربوي فعال ومستدام. وإذا أصبحت رؤية قادة دول الخليج اليوم واقعاً في المستقبل، فستكون الأجيال القادمة مجهزة بالأدوات اللازمة لتحقيق نجاحات أكبر مما نصبو إليه اليوم.