Array
عندما تمزق الحرب أوصال مجتمع ما، فتدمر البيوت وتقتل الناس وتشرد الأسر، يفقد التعليم أهميته كواحد من أولويات الحياة، ويصبح ضحية أخرى من ضحايا الحرب التي يمكن العيش من دونها. وحتى إذا توفر أي شكل من أشكال التعليم في ظل الصراعات المسلحة، فلن يكون السعي للتفوق أو حتى النجاح أهم من الحفاظ على الحياة.
والمخاوف مما كان يوصف بالجيل الضائع في منطقة الشرق الأوسط بدأت اليوم تصبح واقعاً، إذ هناك الآن جيل خائب الأمل يشعر بأن حقوقه قد سلبت منه في ظل الحرب، وهو يفتقر للتعليم والمهارات الاجتماعية، وغير قادر على تلقي المساعدة التي هو بأشد الحاجة لها في هذه المجالات.
وفي الأردن، رغم أن الحكومة عملت على توفير ما أمكن من المقاعد الدراسية للطلاب من اللاجئين السوريين، إلّا أن حاجتهم للعمل وتوفير متطلبات العيش لأسرهم، فضلاً عن الإفتقار إلى مواصلات آمنة وميسرة بين المخيمات والمدارس الحكومية، والعدد المحدود للطلاب الذين يمكن استيعابهم في القصول الدراسية، كلها عوامل حدّت كثيراً من التحاق الطلاب بالمدارس. فمن أصل 220,000 طفل وشاب سوري لاجئ في أعمار الدراسة في الأردن، نحو 130,000 فرد منهم فقط يتابع اليوم الدراسة في المدارس الحكومية.
استجابة لهذا الوضع، عملت منظمة اليونيسيف بالتعاون مع جمعية "إنقاذ الطفل" في الأردن على إنشاء مراكز "مكاني" التي تهدف لمساعدة الـ 90,000 طفل الذين بقوا خارج الفصول الدراسية من خلال توفير منهاج تعليمي بديل لهم، مرفقاً بالدعم النفسي والتدريب على مهارات الحياة، هذا تحت سقف واحد.
ويشمل منهاج مبادرة "مكاني" الذي يدعمه شركاء حكوميون وغير حكوميون مواد تعليمية غير رسمية في مواضيع "العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات" (أو ما يطلق عليه تسمية STEM)، بالإضافة إلى الفنون والمسرح. كما تقدم مراكز "مكاني" دورات متخصصة لتلبية احتياجات اليافعين الذين دخلوا حياتهم التأسيسية أو التكوينية.
إن مساعدة الأطفال واليافعين في بناء ثقتهم بنفسهم ومهاراتهم الاجتماعية وهويتهم الشخصية، فضلاً عن التفكير المبدع، تمكنهم من البدء بتولي زمام أمور حياتهم وتأدية دورهم الخاص بالمساهمة في تحقيق التغيير الاجتماعي البنّاء في بيئتهم.
وقد ثبت نجاح برامج "كورا بورا" التي تستخدم رياضة كرة القدم لتعليم الأطفال مهارات الحياة بعد استخدامها بصورة تجريبية في مراكز "مكاني" في مارس 2016.
توفر برامج التعليم من "كورا بورا"، والتي يقدمها مدربون متفرغون ومؤهلون، خبرات قيمة لكل من الأطفال والشباب الصغار في مجالات إدارة الذات، والتفاعل الاجتماعي، والعمل بروح الفريق. وباتباع أسلوب "التعلم من خلال اللعب"، تتاح الفرصة حتى لأولئك الذين تأثروا بشدة بمظاهر العنف والحرب، لإعادة بناء حياتهم واستكمال نموهم كأعضاء فاعلين في المجتمع.
منظمة كروية غير هادفة للربح بدأت باكورة أعمالها بالتطبيق التجريبي لبرامجها في خدمة الاجئين في الأردن
أعلنت اليوم منظمة "كورا بورا" غير الحكومية والغير هادفة للربح الإطلاق الرسمي لمبادرتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتسعى مبادرة "كورا بورا" إلى تحسين الحياة اليومية للأطفال الأشد احتياجاً من خلال لعبة كرة القدم وروح التعاون والتضامن التي تلهمها في جماهيرها.
تقوم رؤية عبد الرزاق بوحجي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمبادرة "كورا بورا"، على تطوير وتمويل البرامج التي تساعد على تزويد الأطفال والشباب بفرص التعليم، وتحسين مستوى التغذية، وتوفير بيئة آمنة يعيشون بها.
وقد صُممت هذه البرامج بحيث تدعم وتعزز المبادرات والمؤسسات الخيرية التي تقدم خدمات في مجالات التعليم، والصحة، والوعي البيئي، حيث وفرت برامج مبادرة "كورا بورا" التجريبية الأولى دعماً ناجحاً لمؤسسات خيرية عديدة مثل جمعية "أنقاذ الطفل" في الأردن ومنظمة اليونيسيف.
توظف "كورا بورا" قوة تأثير لعبة كرة القدم العالمية الفريدة في تجاوز الحواجز الاجتماعية، والتقريب بين الثقافات، ورفع مستوى الوعي. ويوضح بوحجي الأهمية التي تمثلها كرة القدم للمبادرة قائلاً: "أينما توجهت، وفي أي مكان في العالم، ستجد الناس يلعبون كرة القدم، سواء في مباريات الدوري في الملاعب الاحترافية، أو في مباريات الأطفال الحفاة في مواقف السيارات والساحات الترابية. كرة القدم تُعد ’لغة عالمية‘، ولها تاريخ حافل وسجل متفرد في جذب قلوب وعقول الجميع في مختلف أنحاء العالم. لذا فهي تقدم لنا القواسم المشتركة الأساسية التي تمكّن منظمة كورا بورا من تحقيق هدفها في تجاوز الاختلافات الثقافية والتقريب بين الناس، ووضع روح الشغف والاحتفاء بكرة القدم في قلب نشاطاتها".
كرة القدم ليست مجرد فكرة نظرية لدى منظمة "كورا بورا" وإنما تساهم في تحديد طبيعة الأنشطة الفعلية المطبقة في إطار برامج المبادرة، وهي:
برنامج التعليم
يوفر برنامج التعليم من "كورا بورا"، والذي يقدمه مدربون متفرغون ومؤهلون، خبرات قيمة لكل من الأطفال والشباب في مجالات إدارة الذات، والتفاعل الاجتماعي، والعمل بروح الفريق. وباتباع أسلوب "التعلم من خلال اللعب"، تتاح الفرصة حتى لأولئك الذين تأثروا بشدة بمظاهر العنف الذي مزق أسرهم وحياتهم بسبب الصراع في بلادهم، لتطوير مهاراتهم المعرفية والوجدانية وعلاقاتهم الشخصية والاجتماعية، من أجل إعادة بناء حياتهم واستكمال نموهم كأعضاء فاعلين في المجتمع.
وبالتعاون مع جمعية "إنقاذ الطفل" في الأردن ومبادرة "مكاني" التي تقدمها منظمة اليونيسيف، يتم حالياً تدريس منهاج دراسي تجريبي من "كورا بورا".
تم تطوير هذا البرنامج بالشراكة مع مؤسسة "ريبل" التعليمية الدولية التي تأسست عام 2012، والتي توفر خدمات التدريب باستخدام طرق التعليم التفاعلي الحديثة.
برنامج الصحة
يركّز برنامج الصحة من كورا بورا ـ-وهو قيد التطوير حالياً ـ على نظام التغذية والطعام الصحي، وسيبدأ اختباره التجريبي في الربع الثالث من العام الحالي 2016.
برنامج البيئة
بدأت المراحل الأولى من برنامج "كورا بورا" للبيئة في الربع الأول من العام الحالي 2016، من خلال دعم حملة تمويل بواسطة التفاعل عبر الإنترنت أطلقتها منظمة اليونيسيف في مصر، وتشرف على تنفيذها منظمة "روتاري" (المحافظة 2451) بهدف توفير مياه آمنة للأسر الفقيرة في المناطق الأكثر حرماناً.
واختتم بوحجي بالقول: "نحن في كورا بورا نحرص على اتباع النموذج القدوة الذي أرساه صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت، في تأكيد مكانة الكويت الخيرية في العالم وإبرازها باعتبارها دولة العطاء الواعي والهادف".
"كورا بورا" منظمة مشهرة في كل من الكويت ومصر، ولها مكاتب في دولة الإمارات العربية المتحدة والأردن. وهي منظمة غير حكومية وغير هادفة للربح تستخدم لعبة كرة القدم في سعيها لتحسين حياة الأطفال المهمشين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبالتالي إحداث التغيير الاجتماعي الإيجابي في المنطقة.
برنامج كورا بورا للتوعية البيئية
اتخذت حكومات دول الخليج في السنوات الأخيرة خطوات جريئة في مجال حماية البيئة التي تحيا فيها شعوبها، لكنها ما تزال تواجه تحديات كبيرة على عدة أصعدة. فهي بحاجة لإيجاد السبل لتجنب إهدار الثروة الطبيعية التي تعتمد عليها حالياً اقتصاداتها، بالإضافة إلى تقليل التكلفة الاقتصادية للتدهور البيئي، ووقف تراجع كميات المياه النظيفة والحد من تلوث الهواء، فضلاً عن التصدي لآثار التغير المناخي على درجات الحرارة في المنطقة.
نحن نشهد تحولاً في التوجهات يتجلى في تبني المزيد من التشريعات والممارسات المتعلقة بالأبنية الصديقة للبيئة؛ كما أن الطلب يتزايد من أصحاب العقارات على كفاءة أفضل في استهلاك الطاقة، ما يجعل المقاولون حريصون أكثر على توفير أفضل المعايير والممارسات في الأبنية. وفي استبيان عالمي جرى مؤخراً وشمل معماريين ومهندسين ومقاولين وملاك عقارات ومختصين واستشاريين، توقع المشاركون أن تزيد نسبة المشاريع الصديقة للبيئة عن 60 بالمئة من مجمل مشاريعهم بحلول العام 2018، وأن ترتفع نسبتها إلى ضعف ما هي عليه اليوم في منطقة الشرق الأوسط.
عدا ذلك، هناك إدراك متزايد بعدم جدوى البرامج البيئية ما لم يصاحبها تغيير جذري في طريقة استهلاكنا للموارد وإنتاجنا للنفايات. وقد أشار تقرير آخر صدر مؤخراً إلى أن الدعم العشوائي لأسعار المياه والطاقة والغذاء في المنطقة العربية يشجع على الهدر دون أن يساهم بالضرورة في تخفيف العبء على شرائح الفقراء من المستهلكين، بل أن أكثر من 90 بالمئة من مجمل الدعم الحكومي يفيد الأغنياء. وخلصت الدراسة ذاتها إلى قبول الجمهور العربي بدفع أسعار أعلى للكهرباء والوقود والماء واستعدادهم لتغيير عادات الاستهلاك إذا ساعد ذلك في المحافظة على الموارد الطبيعية وحماية البيئة.
أما بالنسبة للشركات، فإننا نجد في مجتمع الأعمال الدولي صدى طيباً لرسالة التوافق بين نجاح الأعمال وحماية البيئة (Green is Good)، فالاستدامة لها سوقها المتنامي، وهناك إدراك متزايد بأنه بعد عقد من الزمن ستكون الشركات التي تدعم المجتمعات المحلية التي تعمل فيها هي الأوفر حظاً بالاستمرار والنمو. ولا تتأخر الحكومات الخليجية عن التصدّي لهذا التحدي، ومع أنه ما يزال هناك الكثير لإنجازه، فإن فوائد السياسات الصديقة للبيئة يمكن أن تقاس اليوم وفي الغد وحتى لأجيال قادمة.